بيت طيبة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

بيت طيبة

منتدى إخباري ثقافي إجتماعي
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 ماذا يحدث وراء العباءة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
دريم
عضو
دريم


عدد الرسائل : 52
الموقع : بيت طيبة
تاريخ التسجيل : 27/04/2008

ماذا يحدث وراء العباءة Empty
مُساهمةموضوع: ماذا يحدث وراء العباءة   ماذا يحدث وراء العباءة Emptyالأحد يونيو 01, 2008 10:50 am

ايلاف
1/6/2008

"العباءة" رواية صدرت حديثاً 2008 للروائية السعودية "مها الجهني" عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، كُتب سوادها على 224 صفحة بيضاء. تغرف الروائية من نبع لغوي يفيض جدة ورصانة، لذا جاءت الرواية بألفاظ جزلة تطرب عشاق اللغة، كما احتضنت الروائية "كاف" التشبيه، مقياس الرواية من ناحية الكشف يرتفع وينزل بين طبقات المجتمع الدينية والاجتماعية، إنها تحفر في كومة قش، تحفر في الخراب المستشري على جسد الوطن، تبدأ الرواية باستحضار البعبع الداهم "الرجل" الذي يخون زوجته مع "غيداء". تعرج على "جلسة الضحى" النسوية الشهيرة التي تشكل وكالة الأنباء الاجتماعية في المجتمعات المغلقة.
واجس الإرهاب:
(أصبحنا نخاف من الإرهاب، تقول أم يوسف وهي تتابع ضرب الخشبة على الصينية بقوة لتنزل منها قطعة المعمول وتقول: ألا تؤمنين بالله؟ لا إله إلا الله، بالأمس قال ولدي إسماعيل الذي يدرس في المتوسطة الموجودة في آخر الحارة، إنه انضم لجماعة ابن الوليد، شهقتُ ثم قلت له يا ولدي أرحنا من المشاكل، رد علي: هذه جماعة لحفظ القرآن، وبعدين؟ أبداً قلت له يا ابني ارحمنا من المشاكل انظر لما حصل لأبيك من وراء الجماعات. لقد أقنعوه بضرورة الجهاد في أفغانستان ضد الكفار، والنتيجة عاد رجلاً آخر مختلفاً عن أبي يوسف الحنون المحب، عاد بقايا إنسان بلا رجلين وبلا عقل، جلس في البيت مثل خرقة بالية، لا تسد ولا تنفع). في النص السالف: ترتفع أصوات العجائز اللواتي اقتنعن أن "القرآن" تم استخدامه من قبل من يتربص بأولادهنّ الشر، تطلب منه والدته أن يحفظ القرآن في البيت! فعلاً ما المانع؟ في جلسة الضحى هذه التي تجتمع لها نسوة الحي، من الممكن الحديث في أي شيء، فهو المجلس الاستشاري والاستديو التحليلي والحاضن الأساسي لكل الإشاعات والأكاذيب والحقائق، بإمكان أي زائرة لهذه الجلسة التنبؤ بالمناخ الذي يحدق في البلاد.
مدن بلا ضوء:
في القسم الحادي عشر: (تكبر المدينة، تكثر الشوارع، تتقدم لتصبح أكثر مواكبة للعصر، أما الإنسان فهو قلما يتغير، العادات القديمة ذاتها، الخوف ذاته، الوجع ذاته، فوطأة الحداثة فيما حوله تطحنه ليسايرها، وهو قابعٌ في زمنٍ آخر بلا حراك) هكذا افتتحت ذلك الفصل، تريد أن تشرح أن نفس التجاعيد التي مرت تزاداد تيبّساً هكذا هي المدن المليئة حدّ الإفراط بالأضواء والمنائر والخائبة حد الإفلاس من الحياة والطبيعة، الخاوية من كل مظاهر الفرح والابتهاج، كل شيء يغلق خمس مرات في اليوم، إنه مجتمع مبرمج وكل حركة تأتي خارج البرمجة تعتبر كفراً وضلالاً تغرق المدن بنور المباني وتغرق أيضاً بظلام المعاني، كل شيء خافت وباهت، في مجتمع نصفه يطير إلى الخارج كل صيف هرباً من غلواء هذه الصحراء القاحلة.
المرأة، الخيال:
(تتذكر، كم كانت قدماي جميلتين، عندما كنت أمر بالشارع مرتدية حذائي المدرسي الأسود، تبدو قدماي فيهما بيضاوين مشعتين، تلفت أنظار من أعبر بينهم من الشباب فتعلوا صيحات الإعجاب: ياحلو يا أبيض، صياح القشطة، يا ويل قلبي على هالغزال، ما يفل الحديد إلا الحديد، ارفعي البوشية (غطاء الوجه) يا مزيونة؛ ترتعش ضحكاتهم الصبيانية تهزني، تبلل ملابسي التحتية، وتملؤني بشعور لذيذ، تفر ضحكة من شفتيها المشققتين، تنزل قدميها عن صفيحة التمر، ثم ترفع غطاءها بمشقة، تأخذ حبة تمر ممتلئة بالدبس، تمصها بروية، مستمتعة بذوبانها في فمها). في النص السالف تفتح الروائية لنا شرارة التعقيب. تكشف لنا وثيقة اجتماعية بمثل هذا التوهّج وترسم رؤى أخرى لامرأة يداهما خيالها، ودّت لو خرجت من بلد تنوء بأعبائه، وبأعباء رجاله، فهي تسكن في خيالها، تبني عبر خيالها ممالك وامبراطوريات، تصنع من قهقهات الصبية "أناها" المفقودة.
العباءة:
اسم يرمز للون وللشكل الذي تظهر به المرأة بوصفها "عورة" حينما تخرج إلى مسرح الحياة، في الشارع حيث المضايقات من قبل من يعانون من الكبت والقهر فيلاحقون السواد، يبحثون عن فرائس نسائية يمارسون فيها عبثهم. تشاهد كبارهم وصغارهم يقذفون الأوراق في الأسواق، ويتحرشون بالفتيات ويبتزون أجسادهنّ، إنه كبت مريع، تتدحرج المرأة =الهدف، في عباءتها هناك، تغوص في مستنقع استبداد رمزه الأكبر "العباءة". ترمز إلى ضعف افتراضي اكتسبتْه الفتاة منذ نعومة أظفارها، وضع خلاصها في "عباءتها" ووضع فسادها في خلع عباءتها، صارت العباءة هي "العالم" هي الكون الذي تتنفسه المرأة، وكم وفقت الروائية مها الجهني في التقاط هذا العنوان لرواية هالني أنها لم تثر اهتماماً ولم تلق رواجاً على حين تلقى الروايات البلاستيكية الرواج والتضخيم، إنها رواية ذات بعد تنقيبي، تبحث في شقوق المجتمع، تبحث في الفراغات، تقتنص صيد رصْدها من أحاديث المصعد، جلسات الضحى، إنها تبحث في المحفوظات الثابتة التي وضعت في الأدراج منذ عقود، تأتي هذه الروائية لترفع أصبعها نحو الكارثة، لكأنها تصرخ بصوت مبحوح: هناك وراء العباءة رأيت –كل-هذه الأِشياء.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
ماذا يحدث وراء العباءة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
بيت طيبة :: الصالون الثقافي :: أدب-
انتقل الى: